طريق الفوز، فضمت إلى نداء أستاذه حافزًا آخر له حظه الأسمى عند أمثاله من أقوياء الإيمان، وتمثل له هذا الحافز في رؤياه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفسرها له أحد المعبرين بما يوجهه إلى هذا العمل الجليل، وقد روي عنه أنه قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وكأنني واقف بين يديه، وبيدي مروحة أَذُب بها عنه، فسألت بعض المعبرين، فقال لي: أنت تذب عنه الكذب، فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح (?).

بهذا الحافز وذاك، تحركت همة البخاري - رحمه الله - لتأليف كتابه الجامع الصحيح، وقد أولاه من العناية ما لم يحظ به كتاب آخر، فانتقاه من ستمائة ألف حديث، وكان لا يكتب فيه حديثا إلا إذا اغتسل وصلى ركعتين واستخار الله، وتيقن من صحته، كل ذلك لأنه أراد أن يجعله حجة فيما بينه وبين الله كما قال، ولشدة تحرَّيه فيه امتدَّ به الزمن في تأليفه إلى ست عشرة سنة فيما روى عنه (?).

رُوي عن إبراهِيم بن مَعْقِل النَّسفي أنه قال: سمعت محمد بن إسماعيل البُخارِيّ يقول: ما أدخلت في كتاب «الجامع» إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول (?).

ومن ذلك قول البخاري: ما كتبت في كتاب «الصحيح» حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين (?).

وروي عن إبراهِيم بن مَعْقِل النَّسفي قال: سمعت محمد بن إسماعيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015