اللطيفة الرابعة: أمرُ الحرائر بالتستّر ليُميّزن عن الإماء، قد يفهم من أنّ الشارع أهمل أمر الإماء، ولم يبال بما ينالهن من الإيذاء، وتعرّض الفُسّاق لهن، فكيف يتفق هذا مع حرص الإسلام على طهارة المجتمع؟

والجواب: أنّ الإماء بطبيعة عملهن، يكثر خروجهنّ وتردّدهن في الأسواق، لقضاء الحاجات وخدمة سادتهن، فإذا كُلّفن بلبس الجلباب السابغ كلمَّا خرجن، كان في ذلك حرج ومشقة عليهنّ، وليس كذلك الحرائر لأنهن مأمورات بالاستقرار في البيوت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] وعدم الخروج إلاّ عند الحاجة، فلم يكن عليهن من الحرج والمشقة في التستر ما على الإماء، وقد وردت الآية السابقة {والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 58] وهي تتوعد المؤذين بالعذاب الأليم، وهذا يشمل الحرائر والإماء.

اللطيفة الخامسة: قوله تعالى: {ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} فيه ذكر للعلة أي (الحكمة) التي فُرض من أجلها الحجاب، والأحكامُ الشرعية كلها مشروعة لحكمة وجمهورُ المفسّرين موجهاً إلى جميع النساء، سواء منهن (الحرائر والإماء) وفسّر قوله تعالى: {أَن يُعْرَفْنَ} أي يعرفن بالعفة والتستر والصيانة، فلا يطمع فيهنّ أهل السوء والفساد، وإليك نصّ كلامه كما في «البحر المحيط» :

«والظاهر أن قوله تعالى: {وَنِسَآءِ المؤمنين} يشمل الحرائر والإماء، والفتنةُ بالإماء أكثر لكثرة تصرفهنّ بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهنّ من عموم النساء إلى دليل واضح. وقوله: {أدنى أَن يُعْرَفْنَ} أي يعرفن لتسترهنّ بالعفة فلا يُتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن، لأنّ المرأة إذا كانت في غاية التستّر بالعفة فلا يُتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن، لأنّ المرأة إذا كانت في غاية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015