حكمة التشريع
الإسلام رسالة إصلاحية فاضلة، وآداب اجتماعية سامية، ومُثُل إنسانية رفيعة، حوى خير ما في التشاريع من نظم ومبادئ، وخير ما في الأديان من سمو وأخلاق، فتعاليمُه الرشيدة تدعو إلى الكمال، ومبادئه الإنسانية تهدف إلى الإصلاح، وإن شئت فقل: إنه رسالة (الفضائل والآداب) بل إنه رسالة الحياة.
وفي هذه الآيات الكريمة دعوة إلى الآداب الإنسانية (آداب البيوت) وتعليم للأمة أن يتمسكوا بالأخلاق الفاضلة التي ربَّاهم عليها الإسلام، وأن يعلِّموا أطفالهم وخَدَمهم هذه الآداب الحميدة، لتبقى الأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم، في منأى عن المفاسد التي تعجُّ بها المجتمعات الأخرى.
وأول ما يجده الإنسان من (الآداب الاجتماعية) أدب الاستئذان عند دخول البيوت، وقد تقدم في الآيات الكريمة السابقة
{ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ على أَهْلِهَا} [النور: 27] . ثم يأتي أدب الاستئذان (داخل البيوت) وهو للخدم والأطفال لئلا يطَّلعوا على العورات، فقد يكون الإنسان في حالة لا يحِبّ أن يطلع عليه أحد، وقد يكون مع أهله في حالة لا يصح أن يدخل عليه فيها أحد. لذلك فقد أوجب الإسلام الاستئذان حتى على (الخدم والصغار) في ثلاثة أوقات وسماها (عورات) لانكشاف العورات فيها وفي هذه الأوقات الثلاثة لا بد أن يستأذن الخدم، وأن يستأذن الخدم، وأن يستأذن الصغار المميزون الذين لم يبلغوا الحُلُم، كي لا تقع أنظارهم على عورات أهليهم وهو أدب رفيع يُغْفله الكثيرون في حياتهم، مستهينين بآثاره النفسية والخلقية، ظانين أن الخدم لا تمتد أعينهم إلى عورات السادة، وأن الصغار قبل البلوغ لا ينتبهون لهذه