ويظهر أن هذه العقوبة كانت أو الإسلام من قبيل (التعزير) لا من قبيل (الحدّ) بدليل التوقيت الذي أشارت إليه الآية الكريمة {حتى يَتَوَفَّاهُنَّ الموت أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء: 15] وقد استبدلت هذه العقوبة بعقوبة أشد هي (الجلد) للبكر و (الرجم) للزاني المحصن، وانتهى ذلك الحكم الموقت إلى تلك العقوبة الرادعة الزاجرة.
روى عن عبادة بن الصامت رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: (كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا أُنزل عليه الوحي كُرِبَ لذلك وتربّد وجهه، فأنزل الله عليه ذات يوم فلقي كذلك فلما سُرِّي عنه قال خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهنَّ سبيلاً: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيبُ بالثيب جلد مائة والرجم) .
الحكم الثاني: ما هو حدُّ البكر، وحدُّ المحصن؟
فرقت الشريعة الإسلامية بين حد البكر (غير المتزوج) فخففّفت العقوبة في الأول فجعلتها مائة جلدة، وغلّظت العقوبة في الثاني فجعلتها الرجم بالحجارة حتى الموت، وذلك لأن جريمة الزنى بعد الإحصان (التَّزوج) أشد وأغلظ من الزنى المحض في نظر الإسلام فالجريمة التي يرتكبها رجل محصن من (امرأة محصنة) عن طريق الفاحشة أشنع وأقبح من الجريمة التي يرتكبها مع البكر لأنه قد أفسد نسب غيره ودنّس فراشه وسلك لقضاء شهوته طريقاً غير مشروع مع أنه كان متمكناً من قضائها بطريق مشروع فكانت العقوبة أشد وأغلظ.