3 - اللطيفة الثالثة: قال الفخر الرازي: أنه تعالى ذكر في أول السورة أنواعاً من الأحكام والحدود وذكر في آخرها دلائل التوحيد فقوله تعالى: {فَرَضْنَاهَا} إشارة إلى الأحكام، وقوله: {آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} إشارة إلى دلائل التوحيد ويؤيده قوله: {لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فإن الأحكام لم تكن معلومة حتى يتذكروا بها. قال الألوسي: وهذا الوجه عندي حسن.

4 - اللطيفة الرابعة: قوله تعالى: {لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أصل (لعل) للترجي والترجي لا يليق من الله تعالى ولذلك تكون لعل هنا بمعنى (لام التعليل) أي لتتذكروا وتتدبروا بما فيها واستشهدوا بقول الشاعر:

فقلتم لنا كفّوا الحروب لعلّنا ... نكفّ ووثّقثتم لنا كل مَوثِقِ

أي كفوا الحروب لنكف، وذكر القرطبي وجهاً آخر وهو أن تبقى (لعل) للترجي ولكن يكون الترجي من المخلوق لا من الخالق أي رجاء منكم أن تتذكروا.

5 - اللطيفة الخامسة: فإن قيل: ما الحكمة في أن يبدأ الله في الزنى بالمأة وفي السرقة بالرجل؟ فالجواب أنَّ الزنى من المرأة أقبح، وجرمه أشنع، لما يترتب عليه من تلطيخ فراش الرجل وفساد الأنساب وإلحاق العار بالعشيرة ثم الفضيحة بالنسبة للمرأة (بالحمل) تكون أظهر وأدوم فلهذا كان تقديمها على الرجل.

وأما السرقة فالغالب وقوعها من الرجل لأنه أجرأ عليها وأجلد وأخطر فقدم عليها لذلك. قال القرطبي: قدمت {الزانية} في هذه الآية، من حيث كان في ذلك الزمان زنى النساء فاشٍ وكان لإماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015