والصحيح كما قال (ابن العربي) : إنه تجوز المغامرة لكسر شوكة المشركين وإضعاف نفوسهم فإنهم إذا رأوا هذه الشجاعة النادرة من شخص واحد دبّ الرعب في قلوبهم وأيقنوا بعدم قدرتهم على مقاومة المسلمين وفي ذلك إعزاز لدين الله وقهر للمشركين والله أعلم.
الحكم الثالث: هل يجوز الفرار عند الضرورة؟
يجوز الفرار عند الضرورة في غير الحالتين السابقتين التي أشارت إليهما الآية وذلك كأن يحيط العدو بالجيش أو يقطعوا على المجاهدين طريق المؤنة والغذاء فقد «روي عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أنه قال:» كنا في غزاة فحاص الناس حيَصةً «أي» فروا أمام العدو «قلنا كيف نلقى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب، فأتينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبل صلاة الفجر فخرج فقال: من القوم؟ فقلنا: نحن الفرّارون. فقال: لا بل أنتم العكّارون فقبلنا يده. فقال: أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين» ثم قرأ {إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إلى فِئَةٍ} .
العكارون: أي الكرارون العطافون.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة
أولاً - المؤمن يجاهد لإعلاء كلمة الله فعليه أن يتحمل الشدائد لأن العمر بيد الله.
ثانياً - الفرار من الزحف كبيرة من الكبائر لأنه يعرض جيش المسلمين للتدهور والخطر.
ثالثاً - لا يجوز الفرار إلا في الحالات الضرورية.
رابعاً - النصر بيد الله، فعلى المؤمن أن يعتمد على الله مع الأخذ بالأسباب.