{مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ} : يقال: تحرّف وانحرف إذا مال وعدل من طَرَف إلى طرف، مأخوذ من الحَرْف وهو الطرف أي الجانب، والتحرف للقتال الفرّ للكرّ أي يتظاهر بالفرار ليغرّ عدوه حتّى يُخيّل له أنه انهزم، ثم يكر عليه فيقتله، وهذا من باب مكايد الحرب (والحرب خدعة) .
{مُتَحَيِّزاً} : أي منظماً، والفئة: الجماعة قال تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا} [الأنفال: 45] والمراد أن ينهزم لينضمّ إلى جماعة أُخرى يعينهم أو يستعين بهم.
{بَآءَ بِغَضَبٍ} : أي رجع بغضب وسخط من الله.
{وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} : أي مسكنه وملجأه جهنم وبئس هذا الملجأ والمصير.
{مُوهِنُ كَيْدِ الكافرين} : أي مضعف بأس الكافرين بخذلانهم ونصر المؤمنين عليهم.
قال ابن كثير: هذه بشارة أخرى مع ما حصل من النصر فإنه تبارك وتعالى أعلمهم بأنه مضعف كيد الكافرين فيما يستقبل ومصغرّ أمرهم، وأنهم في تبار ودمار وقد وُجد المخبرُ وفق الخبر فصار معجزاً للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فللَّه الحمد والمنة.
المعنى الإجمالي
هذه الآيات الكريمة نزلت لتثبيت قلوب المؤمنين في أول غزوة وقعت بينهم وبين المشركين ألا وهي «غزوة بدر» وقد كانت هذه المعركة هي الفارقة بين عهدين عهد الكفر، وعهد الإيمان ولذلك سمي يومها بيوم الفرقان قال تعالى: {وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان} [الأنفال: 41] لأنها فرقت بين الظلام والنور وبين الكفر والإيمان وفي هذه الآيات يأمر الله عباده المؤمنين أن يصمدوا أمام أعدائهم، وألا ينهزموا مهما كان جيش الكفر عظيماً وكبيراً، فإن الغلبة