الحكم الرابع: هل الخمر تتناول جميع المسكرات.
الخمر اسم لما خامر العقل وغطّاه من الأشربة هذا رأي جمهور الفقهاء، وقال الحنفية: الخمر خاصٌ بما كان من ماء العنب النِّيء إذا غلا واشتد وقذف بالزبد، فالخمر عندهم اسم لهذا النوع فقط، وما وجد فيه مخامرة للعقل من غير هذا النوع لا يسمى خمراً وإن كان حراماً. والجمهور على أن الخمر ليست خاصة بعصير العنب، فغير ماء العنب حرام بالنص، وكل مسكر خمر لما روي عن أنس أنه قال: «حرمت الخمر وهي من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والذرة» والجميع متفقون على حرمة كل مسكر والخلاف يكاد يكون شكلياً وقد تقدم في سورة البقرة.
الحكم الخامس: هل الخمر نجسة أم أنها حرام فقط؟
فهم العلماء من تحريم الخمر، واستخباث الشرع لها، وإطلاق الرجس عليها، والأمر باجتنابها، الحكم بنجاستها، وخالفهم في ذلك (المزني) صاحب الشافعي، وبعض المتأخرين من فقهاء الحنفية فرأوا أنها طاهرة، وأن المحرّم إنما هو شربها، وقالوا لا يلزم من كون الشيء محرماً أن يكون نجساً، فكم من محرم في الشرع ليس بنجس!
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، لأن قوله تعالى: {رِجْسٌ} يدل على نجاستها، فإن الرجس في اللغة القذر والنجاسة، وقد دلّ على نجاستها أيضاً ما روي أن بعض الصحابة قالوا يا رسول الله: إنّا نمر في سفرنا على أهل كتاب يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر فماذا نصنع؟ فأمرهم عليه السلام بعدم الأكل أو الشرب منها، فإن لم يجدوا غيرها غسلوها ثم استعملوها.
فالأمر بالغسل يدل على عدم الطهارت إذ لو كانت طاهرة غير متنجسة لما أمرهم بغسلها.