إذا أرادوا سفراً، أو غزواً، أو تجارةً أو نكاحاً، أو اختلفوا في أمر نسبٍ، أو أمر قتيل، أو تحمل عقل، أو غير ذلك من الأمور العظام، جاءوا إلى (هُبل) أعظم أصنامهم بمكة وجاءوا بمائة درهم فأعطوها صاحب القداح، حتى يجيلُها لهم ويستشيروا آلهتهم (الأصنام) فإن خرج أمرني ربي فعلوا ذلك الأمر، وإن خرج نهاني ربي لم يفعلوا، وإن خرج غُفْل أجالوا ثانياً حتى يخرج المكتوب عليهم، فنهاهم الله عن ذلك وسمّاه فسقاً.
اللطيفة الرابعة: في قوله تعالى: {اليوم يَئِسَ الذين كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ} لم يرد يوماً بعينه، وإنما أراد به الزمان الحاضر وما يتصل به من الأزمنة الماضية والآتية كقول الرجل: كنتُ بالأمس شاباً وأنا اليوم أشَيَبُ، فلا يريد بالأمس الذي قبل اليوم، ولا باليومِ اليوم الذي هو فيه، بل يريد به الزمان الماضي والحاضر.
اللطيفة الخامسة: نزلت هذه الآية الكريمة {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في حجة الوداع، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعرفة، في يوم جمعة، فكان ذلك اليومُ عيداً على عيد، روي أن رجلاً من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فقال يا أمير المؤمنين: آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال: أيَّ آية تعني؟ قال: {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيه، والساعة التي نزلت فيها، نزلت على رسول الله عشية عرفة في يوم جمعة.
و «روي أنه لما نزلت هذه الآية بكى عمر، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ما يبكيك يا عمر؟ قال: أبكاني أنّا كنا في زيادة من ديننا، وإنه لا يكمل شيء إلا