خير آخذ فعفا عنه الرسول عليه السلام، فرجع إلى قومه فقصّ عليهم قصته فآمن بعض قومه ودخلوا في الإسلام» .

اللطيفة الرابعة: قوله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ الناس بِمَآ أَرَاكَ الله} أي بما عرّفك وأعلمك وأوحى إليك، سمي ذلك العلم بالرؤية لأن العلم اليقيني المبرأ عن جهات الريب يكون جارياً مجرى الرؤية في القوة والظهور.

قال الزمخشري: كان عمر يقول: «لا يقولَّنّ أحدكم قضيتُ بما أراني الله، فإن الله لم يجعل ذلك إلا لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولكن ليجتهد رأيه، لأن الرأي من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان مصيباً، لأن الله كان يريه إياه، وهو منّا الظن والتكلف» .

اللطيفة الخامسة: قال الرازي: واعلم أن في الآية تهديداً شديداً، وذلك لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما مال طبعه قليلاً إلى جانب طُعْمة، وكان في علم الله أن (طُعْمة) كان فاسقاً، فالله تعالى عاتب رسوله على ذلك القدر من إعانة المذنب، فكيف حال من يعلم من الظالم كونه ظالماً ثم يعينه على ذلك الظلم، بل يحمله عليه ويرغّبه فيه أشد الترغيب؟ .

اللطيفة السادسة: أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالاستغفار لا يدل على وقوع المعصية منه عليه السلام وإنما هو لزيادة حسناته ورفع مقامه، قال القاضي عياض في «الشفا» : إن تصرف الأنبياء عليهم السلام بأمورٍ لم يُنهوا عنها، ولا أُمروا بها، ثم عوتبوا بسببها، إنما هي ذنوب بالإضافة إلى عليّ منصبهم، وإلى كمال طاعتهم، لا أنها كذنوب غيرهم ومعاصيهم، وأطال في هذا المقام وأطاب، ثم قال: وأيضاً فإن في التوبة والاستغفار معنى لطيفاً أشار إليه بعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015