«وجه الارتباط بالآيات السابقة»
كان السياق في الآيات السابقة في أحكام الجهاد في سبيل الله، ثم في أحكام الهجرة من الوطن ابتغاء مرضاة الله، ولما كانت الصلاة فرضاً لازماً في كل حال، لا تسقط في وقت القتال، ولا في أثناء الهجرة، ولا غيرها من أيام السفر، ولكن قد تتعذر أو تتعسر في حالة الحرب والسفر لذلك وردت هذه الآيات الكريمة تبيّن طريقة الصلاة في حالة الخوف وتأمر بالمحافظة على الصلاة حتى في حالة لقاء العدو، وقد رخص لهم القصر في حالة الخوف والسفر تيسيراً على العباد، فناسب ذكر هذه الأحكام والله تعالى أعلم.
سبب النزول
أولاً: روى الإمام أحمد وأهل السنن عن أبي عيّاش الزّرقي قال: «كنّا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعسفان، فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد، وهم بيننا وبين القبلة، فصلّى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الظهر، فقالوا: لقد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، ثم قالوا يأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم، قال: فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصلاة} » الآية.
ثانياً: وروي أن (طُعْمة بن أُبَيْرق) سرق درعاً لقتادة بن النعمان، وكان الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتشر من خرق في الجراب، حتى انتهى إلى الدار ثم خبأها عند رجل من اليهود، فالتمست الدرع عند طُعمة فلم توجد عنده، وحلف مالي بها علمٌ، فقال أصحابها: بلى والله لقد دخل علينا فأخذها، وطلبنا أثره حتى دخل داره فرأينا أثر الدقيق، فلما حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهود فأخذوه، فقال: دفعها