فكيف تأكل لحوم الإبل وألبانها مع أن ذلك كان حراماً في دين إبراهيم؟ فقد استحللت ما كان محرّماً عليه، فلست بمصدّق له، ولا بموافق له في الدين، وليس لك أن تقول إنك أولى الناس به ... فردّ الله عَزَّ وَجَلَّ عليهم بأن كل الطعام كان حلالاً لإسرائيل ولذريته {كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لبني إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ على نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التوراة ... } [آل عمران: 93] الآية.
الشبهة الثانية: أما الشبهة الثانية التي أثارها اليهود فهي حينما حوّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرّفة، فقد طعن اليهود في نبوة محمد عليه السلام، واتخذوا من هذا التحويل ذريعة لإنكار رسالته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ وتشكيك الناس في الإسلام، وقالوا إن «بيت المقدس» أفضل من الكعبة، وأحق بالاستقبال فهو قد وضع قبلها وهو أرض المحشر، وجميع الأنبياء من ذرية إسحاق كانوا يعظمونه ويصلّون إليه، فلو كنت يا محمد على ما كانوا عليه لعظّمتَ ما عظّموا، فرد الله سبحانه شبهتهم بهذه الآية {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً} .
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: الحكمة في اختيار البيت العتيق لفريضة الحج، أن الله تعالى جعله قبلة أهل التوحيد، وأقام بناءه وشيّد دعائمه أبو الأنبياء (إبراهيم) الخليل عليه السلام، وهو أول المساجد على الإطلاق فليس ثمة معبد أقدم منه، وهو يقابل البيت المعمور في السماء، فالبيت العتيق مطاف أهل الأرض، والبيت المعمور مطاف أهل السماء.
اللطيفة الثانية: قال الإمام الفخر: «إن الله أمر الخليل عليه السلام بعمارة