وزن (تفعيل) إنما تجيء في مصدر (فعَّل) كقولهم: رتَل ترتيلاً، وأما وزن (تفعّل) فيأتي المصدر (تفعّلا) إلا أنهم قد يُجرون المصدر على غير فعله كقول الشاعر:
وخير الأمر ما استقبلتَ منه ... وليس بأن تتّبعَه اتّباعاً
فأجرى اتباعاً مصدراً على (تتبّع) والقياس (تتبّعاً) والشواهد على هذه كثيرة.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: الحكمة في ندائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بوصف التزمل هو إرادة (الملاطفة والإيناس) على نحو ما كان عليه العرب في مخاطباتهم من اشتقاق اسم للمخاطب من صفته التي هو عليها كقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعلي كرّم الله وجهه، لمّا غاضب فاطمة وذهب إلى المسجد فنام فيه - وكان قد لصق بجنبه التراب -: قم أبا تراب، قم أبا تراب، للمؤانسة والملاطفة.
اللطيفة الثانية: سبب التزمل ما روي في الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال:
«جاورتُ بحراء فلمّا قضيتُ جواري هبطت فنوديت، فنظرتُ عن يميني فلم أر شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً، ونظرتُ خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فإذا الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجُثثْتُ (فزعت) منه رعباً فرجعت فقلت: زمّلوني زمّلوني، فأنزل الله {ياأيها المدثر} [المدثر: 1] و {ياأيها المزمل} » .