خاتمة البحث:
حكمة التشريع
الأسرة لبنة من لبنات المجتمع الإسلامي، وبها قوامه، ففيها تلتقي النفوس على المودة والرحمة، والتعاطف والستر، وفي كنفه تنبت الطفولة، وتدرج الحداثة، ومنه تمتد وشائج الرحمة، وأواصر التكافل.
ولكنّ الحياة الواقعية والطبيعة البشرية تُثْبت بين الفينة والأخرى، أنَّ هناك حالاتٍ لا يمكن معها استمرار الحياة الزوجية، لذلك شرع الله الطلاق كآخر حل من حلول تتقدمه، إن لم تُجْدِ كل المحاولات، وأباح للرجل أن يركن إلى أبغض الحلال وهو الطلاق.
ولكن ليس من السُّنة أن يُطلِّق الرجل في كل وقت يريد، فليس له أن يطلقها وهو راغب عنها في الحيض، وفي ذلك دعوة له ليتمهل ولا يسرع ليفصل عرى الزوجية، ويتفكر في محاسن زوجه لعلَّها تغلب سيئاتها، فتتغير القلوب، وتعود إلى صفائها بعد موجة من الغضب اعترتها، وسحابة غشيتْ المودة التي يُكنُّها الزوج لزوجه.
والطلاق يقع حيثما طلق في الوقت الذي بيَّنه الشرع أو في غيره، لأن فكَّ الزوجية، وهدم اللبنة الأولى للمجتمع ليس لعباً تلوكه الألسنة في كل وقت، وعند أدنى بادرة، بل هو الجد كل الجد فمن نطق به لزمته نتائجه وعصى الله - جلَّت حكمته - لأنه لم يقف عند حدوده، ويتبع تعاليمه.
وأمر الله - العليم الخبير - بإحصاء العدة لضبط انتهائها، ومعرفة أمدها بدقة لعدم إطالة الأمد على المطلَّقة، والإضرار بها، ولكيلا تنقص من مدتها مما لا يؤدي إلى المراد منها وهو التأكد من براءة رحم المطلقة من الحمل.