وقد قضت السنة الإلهية أن تمتزج الأرواح بالأرواح، وتتلاءم الأنفس مع الأنفس عند الزواج، لينعم الزوجان في حياة آمنةٍ سعيدة، يرفرف عليها الحب، وتظلِّلها السعادة، ويخيِّم عليها التعاون والتفاهم والوئام.
ولمّا كان هذا الانسجام والتفاهم، لا يكاد يوجد بين قلبين متنافرين ونفسين مختلفين، نفسٍ مؤمنةٍ خيّرة، ونفسٍ مشركةٍ فاجرة، وكان هذا يؤدي بدوره إلى التنافر، والخصام، والنزاع، لذلك حرّم الإسلام الزواج بالوثنية المشركة، وعدّه زواجاً باطلاً لا يستقيم مع شريعة الله.
فالمشركة التي ليس لها دين يزجرها عن الشرّ، ويأمرها بالخير، ويحرّم عليها الخيانة، ويوجب عليها الأمانة، هذه الزوجة لا يمكن أن يسعد المرء في حياته معها، ولا تصلح أن تكون (رفيقة الحياة) لرجلٍ يؤمن بالله واليوم الآخر مع الفارق الكبير بين نفسيهما.
والزوجية حالة امتزاج واندماج واستقرار، ولا يمكن أن تقوم الحياة بدون هذا الامتزاج، والإيمان هو قوام الحياة السعيدة الذي لا تقوم مقامه عاطفة أخرى، فإذا خوى منه قلب لم يستطع قلب مؤمن أن يتجاوب معه، ولا أن يأنس به، ولا أن يسكن إليه ويطمئن في جواره، وصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين قال: «الأرواح جنود مجنّدة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» .