حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} أي لم يُحلّ الله مؤمنة لكافر، ولا نكاح مؤمن لمشركة.
وهذا أدلّ دليل على أنّ الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها إسلامُها لا هجرُتها، فبيّن أن العلة عدم الحلّ بالإسلام، وليس باختلاف الدار» .
والخلاصة: فإن الحنفيَّة يقولون: إن أحد الزوجين إذا خرج من دار الحرب مسلماً وبقي الآخر حربياً فقد وقعت الفرقة بينهما، ولا يرون العدّة على المهاجرة، ويبيحون نكاحها من غير عدّة إلاّ أن تكون حاملاً، عملاً بالآية الكريمة {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ} حيث لم تلزمها العدة، وقد بانت من زوجها بمجرد الهجرة.
والجمهور يقولون: لا تقع الفرقة إلاّ بإسلامها، وأمّا بمجرد الخروج فلا، فإن أسلمت قبل أن يدخل بها زوجها تنجّزت الفرقة وبانت منه لأنه لا عدة عليها، وإن أسلمت بعد الدخول بها توقفت إلى انقضاء العدّة، فإن أسلم قبل انقضاء العدة فهي زوجته، وإلاّ بانت منه.
وحجتهم في ذلك: الأدلة التي سبقت وما روي أنّ (أبا سفيان) أسلم قبل زوجته (هند بنت عتبة) ثمّ أسلمت بعده بأيام فاستقرّا على نكاحهما لأن عدَّتها لم تكن قد انقضت.
وقد بسطنا لك أدلة القريقين بإيجاز، وتتمة البحث بالتفصيل يُرجع إليها في كتب الفقه والله الموفق والهادي.
الحكم الثالث: هل يجوز الزواج بالمشركة الوثنيَّة؟
دلّ قوله تعالى: {وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر} على حرمة النكاح بالكافرة المشركة، لأن معنى الآية: ولا تمسكوا بعصم نسائكم المشركات أي لا تعتدوا بنكاحهنّ فإنه باطل.