ردّ من أسلم، فكان ظاهر العموم اشتماله عليهن من الرجال، فبيّن الله تعالى خروجهن عن عمومه، وفرّق بينهنّ وبين الرجال لأمرين:
أحدهما: أنهن ذوات فروج يُحَرّمن عليهم.
الثاني: أنهنّ أرقّ قلوباً، وأسرع تقلباً منهم، فأما المقيمة على شركها فمردوده عليهم.
ثم قال: وأكثر العلماء على أنْ هذا ناسخ لما كان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ عاهد عليه قريشاً، من أنه يردُ إليهم من جاء منهم مسلماً، فنسخ من ذلك النساء، وهذا مذهب من يرى نسخ السنّة بالقرآن.
أقول: ذكر الإمام الفخر نقلاً عن (الضحّاك) أن العهد كان على غير الصيغة المتقدمة، وأنه كان يشتمل على نص خاص بالنساء صورته كالتالي:
(لا تأتيك منا امرأة ليست على دينك إلاّ رددتها إلينا، فإن دخلت في دينك ولها زوج رددتَ على زوجها ما أنفق عليها، وللنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الشرط مثل ذلك) .
وعلى هذا الرأي تكون الآية موافقة للعهد، مقرّرة له، وهذا الذي تطمئن إليه النفس وترتاح، وما عداه من الأقوال فيحتاج إلى تمحيض وتدقيق، لأنها تنافي روح التشريع الإسلامي، من جهة أن الوفاء بالعهد واجب على المسلمين، ولا ينبغي لأحد الطرفين أن يستبدّ بتخصيص نصوصه إو إلغائها دون موافقة الطرف الثاني، فما ذهب إليه الضحّاك هو الأولى.
يقول سيد قطب رَحِمَهُ اللَّهُ: «ويظهر أن النص لم يكن قاطعاً في موضوع النساء، فنزلت هاتان الآيتان تمنعان ردّ المهاجرات المؤمنات إلى الكفار،