المظاهر قد حرّم على نفسه قربان الزوجة، فهو يريد أن ينقض ذلك ويعيدها إلى نفسه فيلزمه التكفير بهذا العزم.
وأما ما قاله أهل الظاهر فباطل لا يقوم عليه دليل، بل هو من آثار الفهم السقيم الذي تخبّط فيه هؤلاء في كثير من الأحكام الشرعية ويكفي لبطلانه حديث (أوس بن الصامت) فإنه لم يكرّر الظهار وقد ألزمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الكفارة؛ وحديث (سلمة بن صخر) فقد أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالكفارة مع أنه لم يكرّر اللفظ وقد تقدّما، وكفى بذلك حجة قاطعة، لا رأي لأحدٍ أمام قول المعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
الحكم الرابع: هل يصح ظهار غير المسلم كالذمي والكتابي؟
ذهب الجمهور (الحنفية والمالكية والحنابلة) إلى أن ظهار الذمي لا يقع لأن الله تعالى يقول: (الذين يظاهرون منكم) وظاهرُ قوله: (منكم) أنَّ غير المسلم لا يتناوله الحكم.
وقالوا أيضاً: إن الذميّ ليس من أهل الكفارة، لأن فيها إعتاق رقبة، والصوم، ولما كان (الصوم) عبادة لا يصحّ من غير المسلم إذن فلا يصح ظهاره.
فالظهار عندهم لا يكون إلاّ من الزوج العاقل البالغ المسلم.
مذهب الشافعي: قال الشافعية: كما يصح طلاق الذمي وتترتب عليه أحكامه، كذلك يقع ظهاره.
وقالوا: يكفّر بالإعتاق، والإطعام، ولا يكفّر بالصوم لأنه عبادة لا تصح إلاّ من المسلم.
قال الألوسي: والعجب من الإمام الشافعي عليه الرحمة أن يقول بصحته مع أنه يشترط النيّة في الكفارة، والإيمان في الرقبة، والكافر لا يملك المؤمن؟
أقول: الراجح رأي الجمهور، واستدلالهم بالكفارة في (العتق والصيام) قوي، وأمّا استدلالهم بمفهوم الصفة في الآية الكريمة (منكم) فليس بذاك