وأنت ترى أنّ هذا الاستدلال مبيٌ على أنّ الأصل العدالة، ولكنّ بعض الفقهاء يعارض في هذا ويقول: الأصل الفسق لأنه أكثر، والعدالة طارئة فلا يقبل قوله حتى يثبت من عدالته.
الترجيح: والظاهر أن مسألة قبول خبر المجهول مبنيّة على هذا، فإن صحّ أن الأصل العدالة فهو باق على عدالته حتى يتبيّن خلافها، وإن كان الأصل عدمها فهو داخل في حكم الفسق حتى تتبيّن عدالته، والمسألة تطلب بالتفصيل من كتب الأصول.
الحكم الثاني: هل يجب البحث عن عدالة الصحابة في الشهادة والرواية؟
استدل بعض العلماء بالآية الكريمة على أنّ من الصحابة من ليس بعدل، لأنّ الله تعالى أطلق لقب الفاسق على (الوليد بن عقبة) فإنها نزلت فيه، وسببُ النزول لا يمكن إخراجه من اللفظ العام، وهو صحابي بالاتفاق، وقد أمر الله بالتثبت من خبره، فلا بدّ من البحث عن عدالة الصحابة في الشهادة والرواية.
والمسألة خلافية وفيها أقوال كثيرة نذكرها بإيجاز:
الأول: أن الصحابة كلّهم عدول، ولا يبحث عن عدالتهم في رواية ولا شهادة، وهذا رأي جمهور العلماء سلفاً وخلفاً.
الثاني: أن الصحابة كغيرهم يُبحث عن العدالة فيهم في الرواية والشهادة إلا من يكون ظاهر العدالة أو مقطوعها كالشيخين (أبي بكر) و (عمر) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما.
الثالث: أنهم عدول إلى زمن عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ويبحث عن عدالتهم من مقتله، وهذا رأي طائفة من العلماء.
الرابع: أنهم عدول إلاّ من قاتل علياً كرّم الله وجهه لفسقه بالخروج