من فرائض الله، والتخلص مما أوجبه الله على الإنسان، فهذه لا يقبلها ذو قلب سليم ولا يقرها مسلم عاقل، لأنَّ فرائض الله إنما فرضت لتؤدَّى، والواجبات إنما شرعت لتقام على وجه الأرض، لا لتكون طريقاً للتلاعب في أحكام الله.
وقد استدل بعض العلماء على جواز الحيلة مطلقاً بهذه الآية. وبقول الله تعالى في قصة يوسف: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السقاية فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 70] ، وليس الأمر كما زعموا فإن ذلك بإذن الله ليظهر فضله على سائر إخوته بدليل قوله تعالى: {كذلك كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الملك إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله} [يوسف: 76] .
قال الألوسي: «وعندي أنَّ كل حيلة أوجبت إبطال حكمة شرعية لا تقبل كحيلة (سقوط الزكاة) وحيلة (سقوط الاستبراء) وهذا كالتوسط في المسألة فإن من العلماء من يجوِّزُ الحيلة مطلقاً ومنهم من لا يجوِّزها مطلقاً» .
الحكم السادس: هل أفعال الإله جلّ وعلا تابعة للمصالح؟
قال الإمام الفخر رَحِمَهُ اللَّهُ: (وفي قصة أيوب عليه السلام دلالة على أن أفعال ذي الجلال والإكرام منزهة عن التعليل بالمصالح والمفاسد {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] . وذلك لأن أيوب لم يقترف ذنباً حتى يكون ابتلاؤه في مقابلة ذلك الجرم، وإن كان البلاء ليجزل له الثواب، فإن الله تعالى قادر على إيصال كل خير ومنفعة إليه من غير توسط تلك الآلام والأسقام، وحينئذٍ لا يبقى في تلك الأمراض والآفات فائدة. وهذه كلمات ظاهرية جلية والحق الصريح أنه لا يُسأل عما يفعل) .