وفي الآية إشارة إلى أنه لا يجوز ضرب المرأة فوق حدود الأدب، ولهذا قال عليه السلام في حجة الوداع: «واضربوهنّ ضرباً غير مبرِّح» ، والجوازُ لا ينافي الكراهة فقد ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: «لا تضربوا إماء الله» فجاء عمر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: ذأرن النساء على أزواجهن، فرخّص في ضربهن، فأطاف بآل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لقد طاف بآل محمد نساء يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم» .
قال الجصاص: «والذي ذكره الله في القرآن وأباحه من ضرب النساء إذا كانت ناشزاً بقوله: {والاتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: 34] إلى قوله {واضربوهن} [النساء: 34] وقد دلت قصة أيوب على أن له ضربها تأديباً لغير نشوز وقوله تعالى: {الرجال قوامون عَلَى النسآء} [النساء: 34] فما روي من القصة فيه يدل على مثل دلالة قصة أيوب، لأنه روي أن رجلاً لطم امرأته على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأراد أهلها القصاص فأنزل الله: {الرجال قوامون عَلَى النسآء} [النساء: 34] .
الحكم الثالث: هل الحكم خاص بأيوب أم هو عام لجميع الناس؟
اختلف العلماء في هذا الحكم الذي أرشده الله تعالى إليه نبيّه (أيوب) عليه السلام هل هو خاص به أم عام لجميع الناس؟
فذهب (مجاهد) إلى أنه خاص بأيوب عليه السلام، وهو منقول عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، وهو مذهب (مالك، وأحمد بن حنبل) رحمهما الله تعالى.
وذهب عطاء بن أبي رباح: وابن أبي ليلى إلى أن الحكم عام، وأنّ هذه الرخصة لجميع الناس فضلاً من الله تعالى وكرماً، وهذا مذهب الشافعي