الكثير من الناس يعرف هذه الحقيقة معرفة نظرية عقلية بحتة، لكنه لم يعشها يقيناً قلبياً غامراً يستحوذ على تفكيره ..
ومن أعاجيب النفوس، وما يمور فيها من الأحاسيس؛ أن بعض الناس يكره ذكر الموت، ويدور في مشاعره الخفية أنه حين يتحاشى ذكره فإنه يبتعد عنه، وحين يذكره يكون قريباً منه، ويتكلف الأسباب المشروعة وغير المشروعة في مدافعة الموت؛ يظن أنه سيؤجل يومه المكتوب، وهذا (الفرار النفسي) من الموت صوره القرآن تصويراً تبكيتياً حين قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (?).
وهَبْ أنك فررت، وافترض أن خطراً من الأخطار سلمت منه؛ فحتى ما ستعيشه بعد ذلك سيظل فترة زمنية محدودة، يقول تعالى: ... {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا} (?).