فمن قال: "حد الشيء نفسه وذاته" قال: الحد والمحدود: شيء واحد.
ومن قال: "حد الشيء هو القول الشارح لمعناه (?) على وجه يجمع ويمنع" قال: الحد والمحدود: شيئان؛ لأن الحد هو القول الشارح، أي المبين للشيء المشروح، والمبيِّن خلاف المبيَّن، والشارح خلاف المشروح.
قال أبو حامد (?) الغزالي - رضي الله عنه (?) - في مقدمة المستصفى (?): هذا الخلاف الواقع بين العلماء في الحد والمحدود أهما شيء (?)؟ أو شيئان؟ لا يصح؛ إذ لا خلاف في المسألة؛ إذ لم يتوارد القولان على شيء واحد؛ لأن كل واحد من القائلين حد خلاف مما حده الآخر (?).
وبيان ذلك: أن الحد لفظ (?) مشترك بين ذات الشيء، وبين اللفظ الدال على ذاته، فمن قال: حد الشيء نفسه وذاته فقد حد أحد معنيي الحد وهو مدلول اللفظ، ومن قال: حد الشيء القول (?) الشارح لمعناه (?) على وجه يجمع ويمنع: فقد حد المعنى الآخر من معنيي الحد، وهو: اللفظ الدال على الذات.