فيستدل بالتخيير بين شيئين على أن حكمهما واحد؛ لأن التخيير يقتضي التسوية في الحكم (?).
قال المؤلف في القواعد السنية (?): جمهور الفقهاء يعتقدون أن التخيير يقتضي التسوية، وأنه لا يخير إلا بين واجب وواجب، أو بين مندوب ومندوب، أو بين مباح [ومباح] (?)، وليس الأمر كذلك، بل التخيير على قسمين: تخيير يقتضي التسوية، وتخيير لا يقتضي التسوية، فالتخيير الذي يقتضي التسوية هو التخيير [بين] (?) الأشياء المختلفة، كالتخيير بين خصال الكفارة؛ فإن حكم كل واحد من الخصال حكم الأخرى.
وأما التخيير الذي/ 236/ لا يقتضي التسوية فهو التخيير بين الأقل والأكثر، أو بين الجزء والكل.
مثال التخيير بين الأقل والأكثر: قوله (?) تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إلا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} (?)، فإنه خيره تعالى بين الثلث والنصف والثلثين، مع أن الثلث هو الواجب والزائد عليه مندوب، فقد وقع التخيير ها هنا بين واجب ومندوب؛ لأن التخيير قد وقع بين الأقل والأكثر.