فَإِنَّ سَبَبَ الْقَوْلِ الْعَامِّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِيهِ, وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ خَمْرٌ مِنْ الْعِنَبِ.
ثُمَّ {إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لَعَنَ الْبَائِعَ لِلْخَمْرِ} (?) . وَقَدْ بَاعَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ خَمْرًا حَتَّى بَلَغَ عُمَرَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: {قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا, أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ, حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا؟} (?) وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّ بَيْعَهَا مُحَرَّمٌ, وَلَمْ يَمْنَعْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عِلْمُهُ بِعَدَمِ عِلْمِهِ أَنْ يُبَيِّنَ جَزَاءَ هَذَا الذَّنْبِ؛ لِيَتَنَاهَى هُوَ وَغَيْرُهُ عَنْهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْعِلْمِ بِهِ.
وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَاصِرَ وَالْمُعْتَصِرَ (?) ؛ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يُجَوِّزُونَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْصِرَ لِغَيْرِهِ عِنَبًا, وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَتَّخِذَهُ خَمْرًا.
فَهَذَا نَصٌّ فِي لَعْنِ الْعَاصِرِ, مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمَعْذُورَ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ لِمَانِعِ.