أَيِّ النَّوْعَيْنِ؟ وَقَدْ عَلِمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مِمَّا حَدَّثَ بِهِ فِي حَالِ الِاسْتِقَامَةِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ قَدْ نَسِيَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا بَعْدُ, أَوْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَدَّثَ به, مُعْتَقِدًا أَنَّ هَذَا عِلَّةٌ تُوجِبُ تَرْكَ الْحَدِيثِ. وَيَرَى غَيْرُهُ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ, وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحِجَازِيِّينَ يَرَوْنَ أَلَّا يُحْتَجَّ بِحَدِيثِ عِرَاقِيٍّ أَوْ شَامِيٍّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ بِالْحِجَازِ, حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: {نَزِّلُوا أَحَادِيثَ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِمَنْزِلَةِ أَحَادِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ, لَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ} .
وَقِيلَ لِآخَرَ: سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ حُجَّةٌ؟ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ بِالْحِجَازِ فَلَا.
وَهَذَا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ ضَبَطُوا السُّنَّةَ, فَلَمْ يَشِذَّ عَنْهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ, وَأَنَّ أَحَادِيثَ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ أَوْجَبَ التَّوَقُّفَ فِيهَا.
وَبَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ يَرَى أَلَّا يُحْتَجَّ بِحَدِيثِ الشَّامِيِّينَ, وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى تَرْكِ التَّضْعِيفِ بِهَذَا.
فَمَتَى كَانَ الْإِسْنَادُ جَيِّدًا كَانَ الْحَدِيثُ حُجَّةً, سَوَاءٌ كَانَ الْحَدِيثُ حِجَازِيًّا, أَوْ عِرَاقِيًّا, أَوْ شَامِيًّا, أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.