الْوَاقِعَة لمن يفعل ذَلِك فَإِن مثل هَذَا مُشكل يحْتَاج لجواب يدْفع شُبْهَة من قَامَت عِنْده مثل هَذِه الشُّبْهَة وأشكاله من خَمْسَة أوجه
الأول حَيْثُ أَن الْمُقدر كَائِن لَا محَالة وَأَنه لَا يكون إِلَّا مَا قدره الله وَسبق علمه بِهِ فَمَا فَائِدَة الْعَمَل وَهل لَهُ تَأْثِير على دفع الْمَقْدُور وَمَا الدَّلِيل على ذَلِك
الثَّانِي أَن آدم قد احْتج على مُوسَى بِالْقدرِ وَقَالَ فِي الحَدِيث (فحج آدم مُوسَى) أَي غَلبه فِي الْحجَّة مَعَ أَن الْعلمَاء قاطبة يَقُولُونَ نؤمن بِالْقدرِ وَلَا نحتج بِهِ وَإِلَّا فَلَو سَاغَ الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ لَكَانَ إِبْلِيس أَيْضا يحْتَج بِهِ فِرْعَوْن أَيْضا يحْتَج بِهِ على مُوسَى وَكَذَلِكَ سَائِر العصاة وَذَلِكَ بَاطِل وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِك فَكيف آدم احْتج بِهِ وَسلم لَهُ احتجاجه وَمَا وَجه ذَلِك
الثَّالِث مَا الدَّلِيل على إبِْطَال الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ وذمه مَعَ أَن آدم أحتج بِهِ
الرَّابِع إِنَّه حَيْثُ لَا يقبل الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ وَأَنه لَا يكون إِلَّا مَا يُريدهُ الله وَقدره وَسبق علمه بِهِ فَيلْزم أَن الله تَعَالَى يُكَلف العَبْد مَا لَا يُطيق ثمَّ يُعَاقِبهُ على مَا لَا طَاقَة لَهُ بِفِعْلِهِ وَهُوَ ظلم مَعَ أَن الله تَعَالَى أَيْضا هُوَ الْخَالِق لذَلِك وَمَا الْحِكْمَة فِي تَكْلِيف الْمُكَلّفين وعقاب العاصين
الْخَامِس حَيْثُ إِن الْقدر سَابق وَإِن الله هُوَ الْخَالِق لكل شَيْء رُبمَا لزم عَلَيْهِ إفحام الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَانْقِطَاع حجتهم لِأَن النَّبِي إِذا قَالَ للْكَافِرِ آمن بِي وصدقني يَقُول لَهُ قل للَّذي بَعثك يخلق فِي الْإِيمَان وَالْقُدْرَة عَلَيْهِ فأؤمن وَإِلَّا فَكيف أُؤْمِن وَلَا قدرَة لي عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خلق فِي الْكفْر وَأَنا لَا أقدر على دفع مَا خلقه فِي هَذَا وَفِي الْحَقِيقَة أَن مثل هَذَا بِحَسب الظَّاهِر مُشكل يحْتَاج لأجوبة قَاطِعَة تدفع شُبُهَات من قَامَت عِنْده وَإِلَّا فَأَي غَرَض فِي الرَّمْي إِلَى غير غَرَض وَهل المُرَاد فِي مقَام النزاع وَالِاسْتِدْلَال إِلَّا