وَمَا تشاءون إِلَّا أَن يَشَاء الله أثبت تَعَالَى بذلك مَشِيئَة العَبْد وَأخْبر أَنَّهَا لَا تكون إِلَّا بِمَشِيئَة الرب وَهَذَا صَرِيح قَول أهل السّنة فِي إِثْبَات مَشِيئَة العَبْد وَأَنَّهَا لَا تكون إِلَّا بِمَشِيئَة الرب

قَالَ ابْن تَيْمِية وَهَذَا قَول جَمَاهِير أهل السّنة من جَمِيع الطوائف وَهُوَ قَول كثير من أَصْحَاب الْأَشْعَرِيّ كَأبي إِسْحَاق الاسقرائيني وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيرهمَا فَيَقُولُونَ العَبْد فَاعل لفعله حَقِيقَة وَله قدرَة وَاخْتِيَار وَقدرته مُؤثرَة فِي مقدورها كَمَا تُؤثر القوى والطبائع والأسباب كَمَا دلّ على ذَلِك الشَّرْع وَالْعقل قَالَ تَعَالَى {فأنزلنا بِهِ المَاء فأخرجنا بِهِ من كل الثمرات} وَقَالَ {فأحيا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا} وَقَالَ يهي بِهِ كثيرا وَمثل هَذَا كثير فِي الْكتاب وَالسّنة يخبر تَعَالَى أَنه يحدث الْحَوَادِث بالأسباب وَكَذَلِكَ دلّ الْكتاب وَالسّنة على إِثْبَات القوى والطبائع للحيوان وَغَيره كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} وَقَالَ {هُوَ أَشد مِنْهُم قُوَّة} فَهَؤُلَاءِ يثبتون للْعَبد قدرَة وَيَقُولُونَ أَن تأثيرها فِي مقدورها كتأثير سَائِر الْأَسْبَاب فِي مسبباتها على مَا تقدم قَرِيبا وَأما الْفرق بَين الْأَفْعَال الاختيارية الْوَاقِعَة عَن قصد وَالْأَفْعَال الاضطرارية كحركة النبض والنرتعش وَالْوَاقِع من شَاهِق فَهُوَ أَمر اضطراري لَا يُنَازع فِيهِ أحد من أَئِمَّة الْمُسلمين الَّذين لَهُم لِسَان صدق فِي الدّين هَذَا وَقد صَار الامام فِي آخر عمره إِلَى أَن الْقُدْرَة الْحَادِثَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015