بِشَرْطِهِ. وَقَول الإِمَام: باستصحاب حكم الْمعْصِيَة مَعَ الْخُرُوج، وَلَا نهي، بعيد، وَلَا
هَامِش
قَالَ أَبُو هَاشم: يتَوَجَّه عَلَيْهِ التَّكْلِيف بهما، وَهُوَ خطأ لَا سِيمَا على أَصله، كَمَا قُلْنَا.
وَقَالَت الْجَمَاعَة: إِذا كَانَ التعري من الْأَمريْنِ محالا، فَلَا مبالاة بمبدئهما وسببهما، فليقع الْفِعْل مَأْمُورا.
وحاول الإِمَام طَريقَة التَّوَسُّط فَقَالَ: إِنَّه غير مَنْهِيّ؛ وَإِن انسحب عَلَيْهِ حكم الْعِصْيَان، وَهَذَا مَوضِع الأناة والاتئاد، فَإِنَّهُ فِي غَايَة من الْإِشْكَال فَنَقُول: الْمَرْء مَنْهِيّ عَن الْغَصْب، وَهُوَ: مَا لم يعر عَن الِاسْتِيلَاء على حق الْغَيْر غَاصِب، إِذْ الْغَصْب الِاسْتِيلَاء على حق الْغَيْر. إِلَّا أَنه لما كَانَ آخِذا فِي الْخُرُوج من الْمعْصِيَة، وَالْأَمر مُتَوَجّه نَحوه إِذْ ذَاك بهَا، لم يكن مَنْهِيّا الْآن، وَهَذَا وَاضح؛ لِامْتِنَاع اجْتِمَاع الْأَمر وَالنَّهْي من جِهَة وَاحِدَة، وَلَكِن النَّهْي السَّابِق قضى عَلَيْهِ بالإثم مَا لم يخرج عَن الِاسْتِيلَاء فَبَقيت آثاره، وَإِن لم يطْرَأ الْآن نهي، فَلم نقل بالمعصية مَعَ انْتِفَاء النَّهْي رَأْسا، بل مَعَ انْتِفَاء نهي طَرَأَ الْآن، ثمَّ الْمعْصِيَة مستندة إِلَى النَّهْي السَّابِق الَّذِي إِن انْقَطع لمصادمة الْأَمر لم [تَنْقَطِع] آثاره، فَإِن المضادة إِنَّمَا وَقعت بَين الْأَمر [وَالنَّهْي] لَا بَين آثارهما، فَإنَّا لَا نعني بِالنَّهْي إِلَّا طلب الْكَفّ وَلَا بِالْأَمر إِلَّا طلب الْفِعْل لَيْسَ بكف، واجتماعهما مُتَعَذر، وَالْأَمر مَوْجُود، فَانْتفى النَّهْي، وَأثر النَّهْي - وَهُوَ التأثيم لَا وَجه لارتفاعه، وَهَذَا كَمَا يَقُول الْفُقَهَاء فِيمَن ارْتَدَّ، ثمَّ جن، ثمَّ آفَاق وَأسلم: إِنَّه يجب عَلَيْهِ قَضَاء صلوَات أَيَّام الْجُنُون، وَمَا ذَلِك إِلَّا لاستصحاب حكم الرِّدَّة عَلَيْهِ، وَلَا [تسألن] الْفَقِيه هُنَا فَمَا قَوْلكُم فِيهِ: لَو مَاتَ أَيَّام جُنُونه، هَل يلقى الله تَعَالَى كَافِرًا أَو غير مُكَلّف؟ .
لأَنا نقُول: هَذَا لَيْسَ مِمَّا نَحن فِيهِ؛ لِأَن لقِيه ربه رَاجع إِلَى مَا عرف الرب من حَاله، وَالَّذِي يظْهر لنا أَنه مُرْتَد، والرب أعلم بِهِ.