وَالْفَرْض وَالْوَاجِب مُتَرَادِفَانِ الْحَنَفِيَّة: الْفَرْض الْمَقْطُوع بِهِ، وَالْوَاجِب المظنون.

هَامِش وَاجِب، فَإِنَّهُ يذم تَاركه إِذا ترك مَعَه الآخر لَا مُطلقًا. وَأما إِذا قُلْنَا: الْوَاجِب فِيهِ وَاحِد مُبْهَم - كرأي المُصَنّف - فيذم تَاركه بِأَيّ وَجه فرض؛ فَلذَلِك لم يذكرهُ كَغَيْرِهِ.

وَلَك أَن تَقول: كَانَ يَنْبَغِي أَيْضا أَلا يذكر فِي فرض الْكِفَايَة إِلَّا أَن يُحَقّق أَن القَاضِي يَقُول: إِنَّه على الْجَمِيع.

وَالْقَاضِي لم يذكرهُ فِي " التَّقْرِيب " فَلَعَلَّهُ يَقُول: إِنَّه على الْبَعْض.

وَاعْلَم أَن القَاضِي بِهَذَا الْقَيْد " حَافظ على عَكسه "، فَلم يخرج من الْحَد مَا هُوَ الْمَحْدُود، أَعنِي: الموسع والكفاية " فَأخذ بطرده "، لدُخُول مَا لَيْسَ من الْمَحْدُود فِيهِ، " إِذْ يرد النَّاسِي والنائم "؛ حَيْثُ لَا تجب عَلَيْهِمَا الصَّلَاة، " وَالْمُسَافر "، حَيْثُ لَا يجب عَلَيْهِ الصَّوْم، ويذمون على تَركه بِوَجْه مَا، وَذَلِكَ عِنْد انْتِفَاء الْأَعْذَار، كَمَا يذم فرض الْكِفَايَة بِتَقْدِير ترك الْجَمِيع.

" فَإِن قَالَ " القَاضِي: لَا نسلم أَن هَذِه غير وَاجِبَة، بل هِيَ وَاجِبَة، وَإِنَّمَا " يسْقط الْوُجُوب بذلك " الْعذر - عذر السّفر، وَالنَّوْم، وَالنِّسْيَان.

" قُلْنَا ": كَذَلِك فِي الْكِفَايَة " يسْقط " الذَّم " بِفعل الْبَعْض " الآخر.

وَاعْلَم أَن القَاضِي لَا يَقُول ذَلِك؛ إِذْ صرح فِي " التَّقْرِيب " بِأَنَّهُ لَا وجوب على النَّائِم وَالنَّاسِي، وَنَحْوهمَا حَتَّى السَّكْرَان، وَأَن الْمُسَافِر يجب عَلَيْهِ صَوْم أحد الشَّهْرَيْنِ كالواجب الْمُخَير سَوَاء.

وللقاضي الْجَواب بِأَن النَّائِم لَا يذم بِوَجْه مَا.

قَوْلكُم: عِنْد انْتِفَاء الْعذر.

قُلْنَا: لَيْسَ هُوَ - وَالْحَالة هَذِه - نَائِما، وَالْكَلَام فِي النَّائِم.

الشَّرْح: " وَالْفَرْض وَالْوَاجِب " لفظان " مُتَرَادِفَانِ " وَقَالَت " الْحَنَفِيَّة: الْفَرْض: الْمَقْطُوع، وَالْوَاجِب: المظنون ". وَالْخلاف لَفْظِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015