وَاسْتدلَّ: لَو لم يكن، لَكَانَ الْمَوْجُود فِي (الْقَدِيم) و (الْحَادِث) متواطئا؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَة فيهمَا، وَأما الثَّانِيَة؛ فَلِأَن الْمَوْجُود إِن كَانَ الذَّات، فَلَا اشْتِرَاك، وَإِن كَانَ الصّفة، فَهِيَ وَاجِبَة فِي الْقَدِيم؛ فَلَا اشْتِرَاك؛ وَأجِيب بِأَن الْوُجُوب والإمكان لَا يمْنَع التواطؤ؛ كالعالم والمتكلم؛ قَالُوا: لَو وضعت، لاختل الْمَقْصُود من الْوَضع؛ قُلْنَا: يعرف
هَامِش لخلت أَكثر المسميات، " وَيكون كأنواع الروائح "؛ فِي كَونهَا لم تُوضَع لَهَا أَسمَاء، فَلم يسْتَحل خلو بعض الْمعَانِي عَن الْأَسْمَاء.
الشَّرْح: " وَاسْتدلَّ " أَيْضا على وُقُوع الْمُشْتَرك؛ بِأَنَّهُ " لَو لم يكن " وَاقعا، " لَكَانَ الْمَوْجُود فِي الْقَدِيم والحادث متواطئا "؛ وَاللَّازِم بَاطِل، والملازمة وَاضِحَة؛ " لِأَنَّهُ حَقِيقَة فيهمَا "، فَلَو لم يكن بِاعْتِبَار وَضعه لخصوصهما، لَكَانَ [بالتواطئ، أَي] : بِاعْتِبَار وَضعه لأمر عَام - مُشْتَرك بَينهمَا عِنْد من يَجْعَل صدق التواطؤ فِي أَفْرَاده بِالْحَقِيقَةِ، " وَأما الثَّانِيَة "، أَي: الْمُقدمَة الاستثنائية؛ " فَلِأَن " الَّذِي يُسمى " الْمَوْجُود، إِن كَانَ الذَّات "؛ كَمَا يَقُول الْأَشْعَرِيّ، " فَلَا اشْتِرَاك "؛ لمُخَالفَة ذَات وَاجِب الْوُجُود سَائِر الذوات، " وَإِن كَانَ صفة " زَائِدَة على الذَّات، " فَهِيَ وَاجِبَة فِي الْقَدِيم "، مُمكنَة فِي الْحَادِث؛ وَحِينَئِذٍ؛ " فَلَا اشْتِرَاك "، فَأَيْنَ المتواطؤ.
" وَأجِيب بِأَن الْوُجُوب والإمكان لَا يمْنَع " وَاحِد مِنْهُمَا " التواطؤ "؛ لكَونه من الصِّفَات الْعَارِضَة للمعنى الْمُشْتَرك؛ " كالعالم والمتكلم "؛ فَإِنَّهُمَا فِي الْقَدِيم واجبان، وَفِي الْحَادِث ممكنان، مَعَ اشتراكهما فِي الْمَعْنى.
فَإِن قلت: إِطْلَاق الْعَالم والمتكلم على الْقَدِيم والحادث لَيْسَ بالتواطؤ، [بل] بالتشكيك؛ إِذْ هُوَ من الْقَدِيم أولى وَأَحْرَى.
قلت: كَأَنَّهُ توسع هُنَا، فَجعل المتواطئ أَعم؛ إِذْ غَرَضه هُنَا دفع الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ، وَهُوَ حَاصِل بِكُل من التواطؤ والتشكيك.