وكان يرجح في الشهادة بالكثرة، إلا أن يكون هناك صاحب بَدْر، ولكن لا يحجر على سفيه في ماله، لكن ينهى الناس عن معاملته بعد أن يشهره. وكان لا يقبل لأحد هدية، ولا في الأعياد والمواسم. وكان له عبد يستقي له الماء فمات، فأخذ هو البغل، وتوجه بنفسه ليستقي. كانوا يقتدون به في أشياء كثيرة لورعه وصدقه.

ومن كلامه: إذا قضى القاضي بالهَوَى، احتجبَ الله عنه.

قال ابن يونس: يكنى أبا عبد الله وهو خَولاني من بني يعلى بن مالك. وحكى أبو عمر عن غَوث بن سليمان قال: لما ولي عبد الرحمن بن حجيرة القضاء أخبروا أباه بذلك فقال: هَلَك ابني وأَهْلك. وكان أولاً وَلِي القصص فأخبروا أباه فقال: ذكَر ابني وذكَّر. وقد تقدم هذا لعبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة، وهو أليق بها.

وكان السبب في كتابة المصحف المذكور، أن الحجاج استكتب في إمارته على العراق مصاحف، فبعث منها إلى مصر واحداً، فغضب عبد العزيز بن مروان وقال: تبعث إلى جندٍ أنا فيه بمصحف! فأمر مَن كتب له المصحف الذي هو الآن بمصر بالمسجد الجامع. فلما فرغ قال: مَن أخذ فيه حرفاً خطأ، فله رأس أحمر وثلاثون ديناراً. فتداوله القراء فجاء رجل من قراء الكوفة اسمه زُرعة بن سَهل الثقفي، فيما ذكر ابن يونس، لجده خَرَشة بن الحُرَ صُحبة، فقرأه تهجياً. ثم جاء

إلى الأمير عبد العزيز فقال: وجدت فيه حرفاً خطأ. فنظروا فإذا هي (إنَّ هَذَا أخي لهُ تسعٌ وتِسْعُونَ نَعْجةً) فإذا هي مكتوبة (نجعة) بتقديم الجيم على العين. فأمر عبد العزيز بالورقة فأبدلت. ثم أمر له برأس أحمر وثلاثين ديناراً.

وكان يأمر بأن يحمل غَداة كل جمعة من دار عبد العزيز إلى المسجد الجامع فيقرأ فيه. فكان أول مَن قرأ فيه عبد الرحمن بن حُجيرة، كان متولي القضاء والقصص يومئذ، وذلك في سنة ست وسبعين. وكان استكتب عبد الملك بن أبي العوام الخولاني، فهو الذي كان يكتب عنه ما يحتاج إلى كتابته في أقضيته.

فمن أقضيته ما أخرجه أبو عمر بسندٍ صحيح إلى عبد الله بن الوليد أن رجلاً أتى عبد الرحمن بن حُجيرة فقال: إني نذرتُ ألا أكلم أخي أبداً. فقال: إن الشيطان ولد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015