ثمَّ أَعُود فِي صحبته إِلَى دَاره وأجلس بَين يَدَيْهِ إِلَى ان يتقوض موكبه وأحضر طَعَامه فأتفق فِي يَوْم من أَيَّام الأعياد ان تصبحت قَلِيلا ثمَّ ركبت مسرعا وصادف خروجي من بعض الدروب اجتياز نازوك فِي موكبه وَبَين يَدَيْهِ أَكثر من خمس مائَة فرَاش بالشموع الموكبية سوى أَصْحَاب النفط وهم عدد أَكثر فَاحْتَجت ان أَقف إِلَى ان يعبروا فازددت تصبحا ووافيت إِلَى دَار الْوَزير وَكَانَ قد ركب وتبعته إِلَى الْمصلى فَلم أتمكن من خدمته لِكَثْرَة من مَعَه وَلَحِقتهُ إِلَى دَار السُّلْطَان فَكَانَت الصُّورَة وَاحِدَة فِي ذَاك وَجئْت مَعَه إِلَيّ دَاره فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: وَلم أوحشتنا الْيَوْم يَا أَبَا الْفرج فشرحت لَهُ صُورَتي وَمَا عاقني من اجتياز موكب نازوك فَلَمَّا فرغت من قولي نَدِمت على تعظيمي من أَمر نازوك مَا عَظمته لِأَن الْوَزير كَانَ متنكرا عَلَيْهِ وَغير جميل الرَّأْي فِيهِ وَمن عَادَته أَيْضا كَرَاهِيَة هَذَا البذخ والتخرق لما كَانَ عَلَيْهِ من التشدد والتصعب وَخفت ان يتَّصل الْمجْلس بنازوك فيحمله مني على السّعَايَة بِهِ وَبعث الْوَزير عَلَيْهِ وَبينا انا مُتَرَدّد فِي الْفِكر وَسُوء الظَّن دخل نازوك فَقبل يَد الْوَزير ووقف فَقَالَ لَهُ الْوَزير: مد الله فِي عمرك يَا أَبَا مَنْصُور وَكثر فِي أَوْلِيَاء الدولة مثلك فَإِن أَبَا الْفرج عرفني من ركبتك الْيَوْم مَا جملت بِهِ الدولة وَالْإِسْلَام وأرغمت فِيهِ انوف أهل الْكفْر والعناد فَبَارك الله فِيك وَأحسن عَن السُّلْطَان جزاءك فَلم يبْق من شُيُوخ دولته وحاشيته من يجْرِي مجراك امْضِ إِلَى دَارك وَلَا تقف واجلس هُنَاكَ حَتَّى يهنئك النَّاس قَالَ مَنْصُور بن الْقَاسِم: فسررت بذلك سُرُورًا شَدِيدا وَصَارَ غمي فَرحا وانزعاجي سكونا ونهض الْوَزير من مَجْلِسه وَخرجت فَوجدت