بالعلم والتأليف واستيعاب الكتب، وحصل الطلبة على كثير من أنواع البر بما يعينهم على طلب العلم، فرصدت الأوقاف الواسعة عليهم، ونشطت الحركة العلمية والتربوية والفكرية، ورحل كثير من العلماء حفّاظ الحديث، ومن الفقهاء والأدباء والشعراء وغيرهم من أصحاب التخصصات المختلفة عن (بغداد) إلى بلاد الشام، فاستوطن معظمهم (دمشق)، وتولى كثير منهم المناصب في الدولة. كالقضاء والإِشراف على الحسبة وعلى أدوار التعليم المختلفة، وكان لهم مقام ورفعة عالية عند المماليك يأخذون بآرائهم، ويشاورونهم في أمور الحرب وغيرها من شؤون الدولة.
ومن هؤلاء عالمنا برهان الدين الجعبري الذي تولى مشيخة بلد الخليل والقضاء بها والخطابة (?) فيها بالمسجد الإِبراهيمي.
وقد عاش في عصره نخبة من كبار العلماء في هذا العصر من شيوخه وأقرانهم الذين أدركوا دولة بني أيوب، ثم دول المماليك، ومن هؤلاء: العلّامة الفقيه الأصولي الأديب النحوي أبو عمرو جمال الدين (?) عثمان بن عمر ابن الحاجب المالكي المتوفى سنة 646 هـ، وقد أعجب المصنف به وبمؤلفاته، فنحا نحوه في التأليف من حيث الاختصار والإِيجاز، وتأثر به واعتنى بمؤلفاته واختصر بعضها -كما سيأتي الإِشارة إلى ذلك في فصل آثار المؤلف ومؤلفاته - إن شاء الله.
وأدرك محدث حلب والشام الحافظ أبا الحجاج يوسف (?) بن خليل بن عبد الله الآدمي الدمشقي الحنبلي المتوفى سنة 648 هـ، وله منه إجازة، فقد حضر مجلسه مع والده، وقيل بأنه سمع منه.