والآن أحب أن أذكر هنا تكميلًا للفائدة، بأنه توجد كتب من كتب أئمة المذاهب الفقهية يكثر فيها دعوى النسخ في أحاديث الأحكام عند دراسة المذاهب المقارنة واختلاف الآراء، فبعض الفقهاء يحمل دليل الخصم الآخر على النسخ وهو غير وارد فلا تسلم له دعوى النسخ في الحديث، فمثلًا:

عند فقهاء الشافعية: المعتمد في المذهب هو عدم الوضوء من أكل لحم الجزور، ويستدلون بأن الحديث الوارد فيه منسوخ (?)، لكن نجد من الشافعية أنفسهم جماعة ممن لهم علم بالفقه والحديث ومعرفة بقواعد المذهب ومعرفة الأدلة من يقول بنقض الوضوء من أكل لحم الجزور عملًا بالدليل (?)، ومن هؤلاء الإمام النووي وهو معروف بمكانته الفقهية والحديثية وغيرهما، إلى جانب إلمامه الواسع وتبحره في الفقه على مذهب الشافعي رحمه الله.

وكذلك القول في الجهر بالبسملة في فاتحة الكتاب أثناء قراءتها في الصلاة الجهرية (?).

أما عند الحنفية فقد نص أبو الحسن (?) الكرخي المتوفى سنة 340 هـ من أئمة الأحناف في كتابه (الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية) (?) بأن قول أصحابه أصل يحكم أو يهيمن على الآية أو الخبر حتى ليبحث عن مخرج من التعارض، ويقرر أن الآية أو الخبر يحمل على النسخ أو على الترجيح أو على التأويل لتوافق قول أصحابه.

مسائل في ناسخ الحديث ومنسوخه مما انفرد بذكرها بعض المؤلفين عن بعض:

تقدم أن ذكرنا اختلاف وجهات النظر والفهم لقضايا الناسخ والمنسوخ، وخاصة الاختلافات في المذاهب الفقهية، والآن نورد بعض المسائل التي اختلفت فيها وجهات نظر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015