والإجتماعية، والثقافية، وعامة أهلها يغلب عليهم طباع أهل المدن، خلافاً لمكة التي هي قرية يمتاز أهلها -عموماً- بالشدة والقوة، فإرسال مصعب الذي نشأ في بيت دلال وغنى أقرب إلى التفاهم والتعامل مع أهل يثرب، ولذا فإنه نجح بامتياز في مهمته، وتأمل في قصته مع أسيد بن حضير وسعد بن معاذ - رضي الله عنه - حينما جاءاه، وتكلما معه بغلظة وهدداه: فقال بكل هدوء:" أو تجلس فتسمع؟ فإن سمعت خيرا قبلته، وإن كرهت شيئا أو خالفك أعفيناك عنه ".فأسلم الرجلان وقومهما! فلو كان غير مصعب في هذا الموقف لما تحمل مثل هذا منهما، فالقائد الناجح هو الذي يضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهذا منهج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (?).
وأعني به أن يكون للهدف المنشود معياراً كمياً أو نوعياً يمكننا من خلاله قياس نسبة الإنجاز، فمثلاً عندما أقول: أنا أريد أن أقرأ ثلاثة فصول من كتاب كذا خلال يومين. فإنه يمكن القياس بخلاف لو قلت: (أريد أن أقرأ كتاباً) فتحتاج أن تكون الأهداف قابلة للقياس، لكي نعرف هل نحن نجحنا أم أخفقنا؟ فلابد من وضع التاريخ والزمن والكميات كي يمكن قياس الهدف.
يقول الدكتور عبد العزيز بكار: "إنّ كل هدف ليس معه معيار لقياسه وللكشف عما أنجز منه، وما بقي؛ ليس بهدف. ولذا فإنّ من يملك أهدافًا واضحة يحدثك دائمًا عن إنجازاته، وعن العقبات التي تواجهه. أما من لا يملك أهدافًا واضحة، فتجده مضطربًا، فتارة يحدثك أنه حقق الكثير الكثير، وتارة يحدثك عن خيبته وإخفاقه؛ إنه كمن يضرب في بيداء، تعتسفه السبل، وتشتته مفارق الطرق! نجد هذا بصورة أوضح لدى الجماعات؛ فالجماعة التي لا تملك أهدافًا واضحة محددة، تظل مشتتة الرأي في حجم ما أنجزته، ولا يكاد خمسة من أبنائها يتفقون في تقويمهم لذلك! لا يكفي أن يكون الهدف واضحًا، بل لا بد من تحديد توقيت لإنجازه، فالزمان ليس ملكًا لنا إلى ما لا نهاية، وطاقاتنا قابلة للنفاد، ثم إن القيمة الحقيقية للأهداف، لا تتبلور إلاّ من خلال الوقت الذي يستغرقه الوصول إليها، والجهد والتكاليف التي نحتاجها، ولهذا كله فالبديل عن وضوح الهدف، ووضوح تكاليفه المتنوعة، ليس سوى العبث والهدر والاستسلام للأماني الخادعة! " (?)