رسم الاهداف (صفحة 14)

ثم إنّ وعي كثير منا بالوقت ضعيف، ولذا فإن استخدامنا له في حل مشكلاتنا محدود، والزمن عنصر في تكوين الأهداف وتراكمها، وطريقة حلها، ووجود هدف في حياة الواحد منا يجعل وعيه بقيمة الزمن أعظم، ويساعده هذا الوعي على استخدامه في تغيير أوضاعه. وأتساءل ماذا بإمكاننا أن نفعل تجاه جهلنا بعلم من العلوم المعاصرة؟ فإننا سنجد أنّه في الوقت الحاضر لا نستطيع أن نفعل أي شيء يذكر تجاه ذلك، أما إذا احترمنا الزمن وخططنا لخمس سنين-مثلاً- فسنجد أننا نستطيع فعل الكثير؛ وذلك بسبب وجود خطة، واستهداف للمعالجة، وهما يعتمدان على عنصر الزمن. فكثير من الخلل المنهجي في تصور أحوالنا، وحل أزماتنا، يعود إلى ضيق مساحة الرؤية، ومساحة الفعل معًا، وذلك كله بسبب فقد النظر البعيد المدى (?).

خامساً: وضع الأهداف الجزئية:

لا نعني بالجزئية أنها هامشية، وإنما هي أهداف مرحلية توصل بمجموعها إلى الهدف الأكبر، المقصود من ذلك الفعل، وهذه الأهداف الجزئية يجب ألا تتقاطع مع الهدف الأصل أو تتنافر معه، لأنها لن تصبح اهدافاً جزئية حينئذٍ، بل تتحول إلى معوق عن تحقيق الهدف الكبير.

فلو أراد أحد منّا بناء مدرسة فلابد أولاً من موقع مناسب، وتصميم مناسب، وأساتذة أكفاء، وطلبة، ومناهج علمية، فتحقيق كل واحدة من هذه هدف جزئي، وبمجموعها يتحقق الهدف الكبير، وكل واحدة من هذه الجزئيات مهمة بمفردها لتحقيق التكامل من الهدف (إنشاء المدرسة).

فلو تهيأ موقع مناسب، وطلبة، ووسائل متطورة، بلا أساتذة، فلن يتحقق الهدف، وكذا لو تهيأ طلبة وأساتذة ووسائل بلا مكان مناسب فلن يتحقق الهدف، وهكذا في بقية الأهداف الجزئية، فهي تكاملية غير متضادة. ولنوضح المسألة بمثال من السنة النبوية: أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن:" إنك ستأتي قوماً أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أنْ يشهدوا أنْ لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أنّ الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أنّ الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015