وقد أجاز جمهور العلماء تأخير البيان إلى وقت الحاجة، فأجازوا أن يرد نص في الحج مثلا يكون وروده في شهر محرم، ولذلك غير عام، أو مطلقا وهو في علمه عز وجل مقيد، أو فيه كلمة مستعملة في علم الله عز وجل في غير ما وضعت له، ولم تصحب النص قرينة، ثم حين حضور الحج يبين الله عز وجل الخصوص والتقييد.

والوجه في ذلك: أن المخاطبين لما علموا من عادة الشريعة أنها قد يقع فيها صار ذلك الظاهر غير ظاهر عندهم، بل هو محتمل فقط، فإذا جاء وقت العمل، ولم يبين ما يخالف ذلك الظاهر علم حينئذ أنه مراد.

بل قد يقال: لا حاجة إلى علم المخاطبين بعادة الشريعة في ذلك، ويكفي أن ذلك جار في العادة مطلقا. فلو كان لرجل خمسة من الولد صغار، فقال لخادمه: اذهب بالأولاد يوم الخميس إلى المستشفى للتطعيم ضد الجدري وعندما تريد الذهاب أخبرني، فإن الخادم إذا تدبر هذا الكلام قال نفسه: كلمة "الأولاد" تشمل الخمسة كلهم، ويمكن أن يكون أراد الخمسة كلهم، ويمكن أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015