وقال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 1، فبين بذلك تعالى أن الأشياء المخلوقة تكون شيئاً بعد أن لم تكن بقوله وإرادته.
وأن قوله غير الأشياء المخلوقة من قبل أن2 أمره تعالى للأشياء وقوله لها كوني، لو كان مخلوقاً لوجب أن يكون قد خلقه بأمر آخر، وذلك القول لو كان مخلوقاً (لكان مخلوقاً) 3 بقول آخر، وهذا يوجب على قائله أحد شيئين: إما أن يكون كل قول محدث قد تقدمه قول محدث إلى ما لا نهاية له، وهذا قول أهل الدهر بعينه، أو يكون ذلك القول حادثاً بغير أمره عز وجل له، فبطل معنى الامتداح بذلك4.
وقد نص على هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بحضرة أوليائه من الصحابة وأعدائه من الخوارج لما أنكروا عليه التحكيم فقال: والله ما حكمت مخلوقاً وإنما حكمت كلام الله5، فلم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة الذين يوالونه، ولا أحد من الخوارج الذين يعادونه، ولا روي عن أحد منهم خلاف له في ذلك.