ولا سيما مع إزعاج الله تعالى قلوب سائر من أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم على النظر في آياته بخرق عوائدهم له، وحلول ما يعدهم من النقم عند إعراضهم عنه ومخالفتهم له على ما ذكرنا مما كان من ذلك عند دعوة موسى وعيسى ومحمد - عليهم السلام -، وإذا كان ذلك على ما وصفنا بَان لكم - أرشدكم الله - أن طريق1 الاستدلال بأخبارهم - عليهم السلام - على سائر ما دُعينا إلى معرفته مما لا يدرك بالحواس أوضح من الاستدلال بالأعراض، إذ كانت أقرب (إلى) 2 البيان على حكم ما شوهد من أدلتهم المحسوسة مما اعتمدت عليه الفلاسفة ومن تبعهم من أهل الأهواء، واغتروا بها لبعدها عن الشبه كما ذكرنا، وقرب من3 أخلد (ممن) 4 ذكرنا إلى الاستدلال به من الشبه، ولذلك5 ما منع الله رسله6 من الاعتماد عليه لغموض ذلك على كثير ممن أمروا بدعائهم وكلفوا - عليهم السلام - إلزامهم فرضه.
فأخلد سلفنا - رضي الله عنهم - ومن تبعهم من الخلف الصالح بعدما عرفوه من صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم إليه من العلم بحدثهم ووجود المحدث لهم بما نبههم عليه من الأدلة إلى التمسك بالكتاب والسنة وطلب الحق في سائر ما دعوا إلى معرفته منها، والعدول عن7 كل ما خالفهما لثبوت نبوته عليه السلام عندهم، ونبههم8 بصدقه فيما أخبرهم به عن ربهم لما وثقته الدلالة لهم فيه، وكفتهم العبرة بما ذكرناه له9.