بحبيبه في الدرجة وإن كان دونه في العمل.
حكى في " كشف الخفاء " عن البيهقي، أن رجلًا من أهل بغداد سأل أبا عثمان الواعظ: متى يكون الرجل صادقاً في حب مولاه؛ فقال: " إذا خلا من خلافه كان صادقاً في حبه ". فوضع الرجل التراب على رأسه وصاح وقال: كيف أدعي حبه ولم أخل طرفة عين من خلافه؟! فبكى أبو عثمان وأهل المجلس، وصار أبو عثمان يقول في بكائه: " صادق في حبه، مقصر في حقه " (2/ 203).
وليس معنى هاته الحكاية أن الرجل كان متكلاً على المحبة معرضاً عن العمل، وإنما معناها أنه كان مستقلّا لعمله مستكثراً لذنبه.
ومما أورده في " مدارج السالكين " من عبارات العلماء عن المحبة قولهم: " استكثار القليل من جنايتك، واستقلال الكثير من طاعتك " (3/ 8).
فلا تظن من هذه الحكاية إسقاط العمل اكتفاء بالمحبة؛ فقد نقل في " كشف الخفاء " عن بعض العلماء بعدما أورد حديث «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» ورواياته أنه: " مشروط بشرط، وعنى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنه إذا أحبهم عمل بمثل أعمالهم ".