وعلى هذا فقد عاصر أبو نصر دولة بني العباس في عصر انحسار نفوذ الخلفاء وتقلص سلطان الدولة الفعلي، حيث استقل كل أمير بإمارته وكل أهل ناحية، بما يليهم، فقامت دويلات متناحرة، ولم يبق للخليفة العباسي سوى بغداد، ولم تكن سلطته عليها سائدة على كل حال.
فأدرك أبو نصر الخليفة العباسي القادر بالله أبا العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله (381-422 هـ) ، ثم الخليفة القائم بأمر الله أبا جعفر عبد الله بن القادر بالله (422-467 هـ) 1.
وكان الضعف قد دب في كيان هذه الدولة في نهاية الربع الأول من القرن الرابع الهجري، حيث أصيب العالم الإسلامي في نحو سنة 324 هـ بانقسام كبير حتى كأنه عقد قد انفرط أو صخرة قد تفتت - كما يقول أحمد أمين 2 - وإن كانت قد انفصلت بعض أجزاء الدولة قبل ذلك التاريخ، إلا أنه لم يحصل مثل هذا التمزق إلا في نحو هذا العام.
يقول ابن كثير: في هذه السنة: "وهَيَ أمر الخلافة جداً، واستقل نواب الأطراف بالتصرف فيها ولم يبق للخليقة حكم في غير بغداد ومعاملاتها، ومع هذا فليس له فيها نفوذ ولا كلمة تطاع" 3.
ثم لازم هذا الوضع المتردي الدولة العباسية إلى أن أفل نجمها، وانثل عرشها على أيدي التتار سنة ست وخمسين وستمائة حين قضى هولاكو