سلام الله ورحمته على الشيخ الإمام، وإني أحمد إليه الله الذي لا إله إلا هو، وحده لا شريك له، وأصلي على رسوله محمد، وعلى آله، أما بعد -عصمنا الله تعالى بطاعته، وأكرمنا بالاعتصام بسنة خيرته من بريته، صلى الله عليه وسلم، وأعاننا على الاقتداء بالسلف الصالحين من أمته، وعافانا في ديننا ودنيانا، وكفانا كل هول دون الجنة، بفضله ورحمته، إنه واسع المغفرة والرحمة، وبه التوفيق والعصمة-: فقلبي للشيخ -أدام الله عصمته- وادٍ، وبأيامه معتد، ولساني له بالخير ذاكر، ولله تعالى على حسن توفيقه إياه شاكر، والله -جل ثناؤه- يزيده توفيقاً وتأييداً وتسديداً.
وقد علم الشيخ -أدام الله توفيقه- اشتغالي بالحديث، واجتهادي في طلبه. [و] معظم مقصودي منه في الابتداء: التمييز بين ما يصح الاحتجاج به من الأخبار، وبين ما لا يصح، حين رأيت المحدثين من أصحابنا يرسلونها في المسائل على ما يحضرهم من ألفاظها، من غير تمييز منهم بين صحيحها وسقيمها.
ثم إذا احتج عليهم بعض مخالفيهم بحديث يشق عليهم تأويله، أخذوا في تعليله، بما وجدوه في كتب المتقدمين من أصحابنا تقليداً.
ولو عرفوه معرفتهم، لميزوا صحيح ما يوافق أقوالهم من سقيمه، ولأمسكوا عن كثير مما يحتجون به، وإن كان يطابق آراءهم، ولاقتدوا في ترك الاحتجاج برواية الضعفاء والمجهولين بإمامهم فشرطه فيمن يقبل خبره عند من يعتني بمعرفته- مشهور، وهو بشرحه في كتاب ((الرسالة)) مسطور، وما ورد