وجه الدلالة: أن هذه الآية في بيان نعيم أهل الجنة، ومعلوم أن أهل الجنة لا يحتاجون إلى التطهير من حدث ولا نجس، فعلم أن المراد بالطهور الطاهر.

2 - قال جرير في وصف النساء:

خليلي هل في نظرة بعد توبة ... أداوي بها قلبي علي فجور

إلى رجح الأكفال هيف خصورها ... عذاب الثنايا ريقهن طهور

وجه الدلالة: أنه وصف الريق بأنه طهور والريق لا يتطهر به. وإنما مراده أنه طاهر.

3 - قالوا: إن العرب لا تفرق بين الفاعل والفعول في التعدي واللزوم، فما كان فاعله لازما كان فعوله لازما بدليل قاعد وقعود ونائم ونئوم وضارب وضروب.

وقد أجاب الجمهور عن أدلتهم:

1 - أما قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} (?)

فيجاب عنه بأن الله تعالى وصف الشراب بأعلى الصفات وهي التطهير.

2 - وقول جرير أجابوا عنه بقولهم: إنه حجة لنا؛ لأنه قصد تفضيلهن على سائر النساء، فوصف ريقهن بأنه مطهر يتطهر به لكمالهن وطيب ريقهن وامتيازه على غيره، ولا يصح حمله على ظاهره، فإنه لا مزية لهن في ذلك، فإن كل النساء ريقهن طاهر، بل البقر والغنم وكل حيوان غير الكلب والخنزير.

3 - وأجابوا عما احتجوا به من حجة اللغة، بأنه غير مستقيم؛ لأن العرب فرقت بين الفاعل والفعول، فقالت: قاعد لمن وجد منه القعود وقعود لمن يتكرر ذلك منه.

فينبغي أن يفرق بينهما هاهنا، وليس إلا من حيث التعدي واللزوم.

وقد نقل صاحب الاختيارات عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية تحقيقا جيدا في هذه المسألة يحسن إيراده، قال رحمه الله: وفصل الخطاب في المسألة أن صيغة اللزوم والتعدي لفظ مجمل، يراد به اللزوم والتعدي النحوي اللفظي. ويراد به التعدي الفقهي.

فالأول هو أن يراد باللازم: ما لم ينصب المفعول به، ويراد بالمتعدي: ما نصب المفعول به. فهذا لا تفرق العرب فيه بين فاعل وفعول في اللزوم. فمن قال: إن فعول هذا بمعنى فاعل - من أن كلا منهما مفعول به - كما قال كثير من الحنفية، فقد أصاب. ومن اعتقد أن فعول بمعنى فعل الماضي، فقد أخطأ.

وأما التعدي الفقهي فيراد به: أن الماء الذي يتطهر به في رفع الحدث، بخلاف ما كان كالأدهان والألبان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015