وقال بعض شعراء اليمن يخاطب جريراً:
(أبلغ كليباً وأبلغ عنك شاعرها ... أني الأغر وأني زهرة اليمن).
فأجابه جرير يقول:
(ألم تكن في وسوم ٍ قد وسمت بها ... من حان موعظة يا زهرة اليمن؟ ! ).
فسماه (زهرة اليمن) حكاية لقوله وهزءاً به. وكذلك التذكير والتأنيث نقيضان في أصل وضعهما، ثم يلحقهما المجاز فيقع كل واحد منهما موقع الآخر، مع حفظه لأصله الذي وضع عليه، فيقولون للرجل: علامة، ونسابة، ويرون أنه أبلغ من قولهم: علام ونساب. ويقولون: امرأةٌ طاهرٌ وعاقرٌ وحاسرٌ، ويرون ذلك أبلغ من التأنيث لو جاؤوا به ههنا. ووجه المبالغة عندهم في هذا النقيضين إنما بينهما حد يفصل بعضهما من بعض، فإذا زاد أحدهما على حده انعكس إلى ضده؛ لأنه لا مذهب إليه إذ لا واسطة بينهما، ولهذا