للصور التي كانت فيها بالقوة، ثم تخرج بدوران الأفلاك إلى الفعل كما شاء بارئها لا إله إلا هو، فأول صورة لبستها الهيولى صور الأركان الأربعة التي هي الأرض، والماء، والهواء، والنار، فكان ذلك أول كمال لحقها، ثم لبست صور المعادن بوساطة صور الأركان، ثم صور النبات بوساطة صور المعادن وصور الأركان، ثم صور الحيوان غير الناطق بوساطة صور النبات وصور المعادن وصور الأركان، ثم صور الإنسان الذي هو حيوان ناطق بتوسط صور الحيوان غير الناطق النبات وصور المعادن وصور الأركان، فكانت صورة الإنسان أكمل الصور الطبيعية، ولا مرتبة بعدها إلا أن يتجوهر الإنسان بالمعارف فيلحق بمرتبة المعقولات المجردة من الهيولى والمادة الشبيهة بالهيولى، أعني موضوع صور الأفلاك وما فيها، فإذا حصل بالتجوهر في مرتبة المعقولات حصل في المرتبة التي منها انحطت النفس الناطقة إلى الإيهام، وهي مرتبة العقل الفعال فصارت الموجودات لهذا الاعتبار كدائرة استدارت حتى التقى طرفاها وصار الإنسان آخر الدائرة الذي يرجع على أولها.

إلا أن الإنسان عندهم لا يلحق عند تجوهره بأول الثواني الذي هو أعلاها مرتبة، وإنما أقصى كماله أن يلحق بالمرتبة العاشرة، وهي مرتبة العقل الفعال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015