وجهين: إما أن يجعله صفة للدقاق، وإما أن يجعله بدلاً منه، وكلا الأمرين لا يصح؛ لأنه يصير المعنى إذا دقاق التراب احتزم بالقتام، وليس المراد هذا، وإنما المراد أن (حسمى) احتزم بالقتام واشتمل به لكثرة ما أحاط به منه، وهذا الذي فسره به الأصمعي وابن الأعرابي.
وفي انتصاب (محتزم) على الحال- في قول البصريين- سؤال من وجهين: أحدهما: أن يقال: كيف انتصب على الحال وهو مضاف إلى المعرفة؟ ، والثاني: أن المعروف في العربية أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها، والعامل في (حسمى) الإضافة، ولا يصح لهذه الإضافة أن تعمل في (محتزم)؛ لأنه يصير المعنى أن الجبال إنما هي مضافة إلى (حسمى) في حال احتزامه بالقتام دون سائر أحواله، وهذا غير صحيح، ومن أجل هذا الإلزام عدل الكوفيون عن نصبه على الحال إلى نصبه بالقطع في ما أحسب.
وإنما ينبغي- على ما يقتضيه معنى البيت- أن يكون العامل في (محتزم) (ساطعًا)، أو (أضحى) في قول من جعلها تامة، وأما من جعلها ناقصة ففي ذلك نظر؛ لأن (كان) الناقصة وأخواتها- عند حذاق النحويين- لا تعمل في الفضلات.
فأما السؤال الأول فإن الجواب عنه أن يقال: إن إضافة (محتزم) إلى (القتام) إضافة غير صحيحة ينوي بها الانفصال، والمضاف إليه منصوب في المعنى، كما أن إضافة (وارد) إلى (الثمد) من قول النابغة:
( ....................... ... إلى حمام شراع وارد الثمد)