والعلة الثالثة: أن المضمر أشبه حروف المعاني؛ لأنه لا يُعقل حتى يتقدم ما يعود عليه، فضارع الحرف الذي معناه في غيره، فلم يجز أن يوصف كما لا توصف الحروف.
فإن قلت: فيلزمك على هذا ألا تصف شيئًا من المبينات لأنها كلها مضارعة للحروف، فالجواب: أن المضمر أشد المبينات شبهًا بالحروف، فلشدة توغله في شبهها لم يكن حكمه حكم غيره، والدليل على شدة توغله في شبه الحروف أنك تجد من الضمائر ما هو على حرف واحد، ولا تجد ذلك في غيرهما، وتجد المضمر قد يتعدى من الاسمية في بعض المواضع ويصير حرفًا محضًا، نحو (التاء) في (أنت)، والكاف في (ذلك) وفي قولهم: (النجاءك) ونحو ذلك، وأما// امتناع المضمر من أن يوصف به؛ فلأن النعت لا يخلو من أن يراد به رفع الإشكال، أو المدح، أو الذم، والمضمر لا يصح فيه شيء من ذلك، ألا ترى أنك إذا قلت: جاءني زيد، فأشكل على المخاطب والتبس بغيره، فليس في قولك: (هو) ما يجعله معروفًا عنده.