تقذير الناس لها أو وقوع جيف السباع والهوام والوحش وسائر الحيوان وأزبالها وأذواقها فيها. فإن نحن استكثرنا من إفاضته وصبه علينا لم نأمن أن يكون الجزء الأخير هو الأقذر والأنجس. ولذلك ما وضع الله على العباد التطهر على هذه السبيل إذ كان ذلك مما ليس في وسعهم وقدرتهم. وهذا مما يبغض على المتقذر بالوهم عيشه إذ كان لا يصيب شيئا - يغتذي به وينقلب إليه - يأمن أن يكون فيه قذر مستغرق. وإن كانت هذه الأمور كما وصفنا لم يبق لصحب المذهب شئ يحتج به. وما أقبح بالعاقل أن يقيم على ما لا عذر له فيه ولا حجة له فيه ولا حجة له عنده لأن ذلك مفارقة للعقل ومتابعة الهوى الخالص المحض.
إن العقل الذي خصصنا به وفضلنا على سائر الحيوان غير الناطق به أدى بنا إلى حسن المعاش وارتفاق بعضنا ببعض. فإنا قل ما نرى البهائم يرتفق يعضها ببعض ونرى أكثر حسن عيشنا من التعاون والإرتفاق لبعضنا من بعض، فلولا ذلك لم يكن لنا فضل في حسن العيش على البهائم. وذلك أن البهائم لما لم يكن لها كمال التعاون والتعاضد العقلي على ما يصلح عيشنا لم يعد سعى