الله تعالى: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ
«1» فتنبه نصر على ما أراد من تحذيره فقال: أنا صائر معكم إلى الأمير أبى مسلم، ودخل بستانا له، كأنه يريد أن يلبس ثيابه ويركب دابته وهرب إلى الرى، وسأل أبو مسلم عنه فأخبره بتلاوة لاهز له الآية فقال: فاضربا عنقه، فضربت عنق لاهز. وكان سليمان بن كثير الخزاعى أحد نقباء الدعوة فقتله أبو مسلم؛ لأنه كره سيرته، وأخذ عنقود عنب، فقال: اللهم سوّد وجه أبى مسلم كما سودت هذا العنقود واسقنى دمه، وقال أيضا: حفرنا نهرا بأيدينا فجاء غيرنا فأجرى فيه الماء- يعنى: أبا مسلم. وقتل زياد بن صالح من أجل أنه بلغه عنه أنه يقول: إنما بايعنا على إقامه العدل وإحياء السنن وهذا جائر ظالم يسير بسير الجبابرة، وكان مخالفا وكان لزياد بلاء حسن في إقامة الدولة، فلم يرع له ذلك فغضب عيسى بن ماهان مولى خزاعة، لقتل زياد، ودعى لحرب أبى مسلم سرا، فاحتال عليه بأن دس على بعض ثقاته بقتله فكتب إليه: إنى رسول أمير المؤمنين- يعنى: السفاح، قد قدم على الأمير بخلع.... «2» وللأولياء قصر إلينا لتشركنا في أمرنا فقدم عليه فأخذه وأدخله جوالق وضربه بالخشب حتى قتل.
وكان أفلح بن مالك بن أسماء بن خارجة القوارى بخراسان وكان صديقا لأبى مسلم يلاعبه الشطرنج ويؤانسه، وكان ذا اقتداء بخراسان، فلما ظهرت الدعوة قدم على أبى مسلم وقال (شعرا) :
قل للأمير أمين الإمام ... وصيّ وصيّ وصيّ وصيّ
أتيتك لا طالبا حاجة ... وما لي في أرضكم من كفي
وكان أبو مسلم يبّره ويكرمه، ثم أمر بقتله. فقيل له: صديقك وأنيسك، فقال:
رأيته ذا همة وأبهة فقتلته مخافة أن يحدث حدثا، وكان لا يقعد على الأرض إذا قعدت على السرير، ولقد كان على كريما وكنت له محبا فعيّر أبو جعفر المنصور أبا مسلم بقتله فيما عيّره به لما عزم على قتله، وكان أبو مسلم يخدم يونس بن مسلم فابتاعه منه بكير بن ماهان بأربعمائة درهم، وبعث به إلى إبراهيم الإمام، فلما ملك أبو مسلم مرو، قدم عليه ابن عاصم فأكرمه غاية الإكرام، ثم دسّ إليه رجلا